نيوزيلندا في البطولة الآسيوية- هاكا التحدي والترحيب بالضيوف

المؤلف: جدة ـ محمود وهبي09.05.2025
نيوزيلندا في البطولة الآسيوية- هاكا التحدي والترحيب بالضيوف

في يوم الخميس المترقب، يتطلع منتخب نيوزيلندا الأول لكرة السلة بشغف إلى تحقيق إنجاز تاريخي، وهو بلوغ الدور نصف النهائي من البطولة الآسيوية المرموقة. لتحقيق هذا الهدف، سيخوض الفريق النيوزيلندي مواجهة حاسمة ضد نظيره اللبناني، وذلك في الصالة المغلقة لمدينة الملك عبد الله الرياضية بجدة، حيث ستشهد الأجواء حماسًا وتنافسًا شديدين.


قبل وبعد كل مباراة يخوضها في هذا الحدث الآسيوي الكبير، يقدم لاعبو المنتخب النيوزيلندي رقصة الـ "هاكا" المهيبة، وهي رقصة مستوحاة من أعماق حضارة شعوب الماوري، السكان الأصليين الذين استوطنوا نيوزيلندا منذ القدم، وبالتحديد منذ القرن الرابع عشر الميلادي. تعتبر هذه الرقصة جزءًا لا يتجزأ من هوية الفريق وثقافته، وتعكس تاريخًا عريقًا من التراث والفخر.


تتميز الـ "هاكا" بكونها رقصة جماعية قوية ومؤثرة، تتضمن ضرب الأرض بالأقدام بتناغم وإيقاع مميز، بالإضافة إلى صيحات متناغمة تعبر عن الحماس والتحدي. كما تشمل الرقصة تبديلات في ملامح الوجه تعكس مختلف المشاعر، من الغضب والقوة إلى الفخر والاعتزاز. اعتادت العديد من الفرق النيوزيلندية، بما في ذلك فريق كرة السلة، على تأدية هذه الرقصة قبل المباريات كإعلان واضح عن التحدي والرغبة في الفوز. تعود أصول هذه الممارسة إلى المقاتلين القدامى الذين كانوا يؤدون الرقصة قبل المعارك، وذلك لاستعراض قوتهم وشجاعتهم وبث الرعب في قلوب الخصوم. ومع مرور الوقت، تطورت الـ "هاكا" لتأخذ طريقًا آخر، وأصبحت أشبه بالرقصة التراثية التي تستخدم للترحيب بالضيوف الكرام، والاحتفاء بالإنجازات العظيمة، وفي مختلف المناسبات الاجتماعية والثقافية.


على الصعيد الرياضي، اكتسبت المنتخبات النيوزيلندية لرياضة الرجبي، سواء في فئة الرجال أو السيدات، شهرة واسعة بتأدية هذه الرقصة المميزة بعد عزف النشيد الوطني وقبل بداية المباريات. تعود الجذور الرياضية لهذه الرقصة إلى العام 1888، عندما استعرضها فريق الرجبي النيوزيلندي في مباريات تاريخية أمام فرق بريطانية. ومنذ ذلك الحين، شهدت طريقة التأدية تطورات مستمرة، وصولًا إلى اصطفاف اللاعبين بشكل هرمي منذ كأس العالم للعبة عام 2015، مما أضفى على الرقصة المزيد من الهيبة والجمال.


خلال البطولة الآسيوية الجارية حاليًا في جدة، وكذلك في النسختين السابقتين، حرص لاعبو منتخب كرة السلة على أداء رقصة الـ "هاكا" بكل فخر واعتزاز، وذلك بعد انضمام نيوزيلندا إلى الاتحاد القاري. الجدير بالذكر أن اللاعب توهي سميث ميلنر كان على رأس الهرم الذي أدى الرقصة في المباراة المثيرة أمام الفلبين في دور المجموعات، والتي شهدت حضورًا جماهيريًا غفيرًا تجاوز الألف متفرج، مما أضفى على الأجواء حماسًا وتشجيعًا لا مثيل لهما.


حظيت رقصة الـ "هاكا" بإعجاب واسع النطاق من قبل المشجعين، بمن فيهم جماهير الفرق المنافسة لنيوزيلندا، الذين أشادوا بقوة الرقصة وتعبيرها عن الثقافة النيوزيلندية. ومع ذلك، في يوليو 2023، انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر 4 لاعبات من منتخب إسبانيا لكرة القدم وهن يسخرن من الرقصة، وذلك خلال استضافة نيوزيلندا لنهائيات كأس العالم للسيدات. وعلى الفور، قدمت إيفانا أندريس، قائدة المنتخب الإسباني، اعتذارًا رسميًا عن هذا التصرف غير اللائق، مؤكدة احترامها للثقافة النيوزيلندية وتقاليدها العريقة.


سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة